مع هبوط عمولات التداول وسهولة الحصول على المعلومات الفورية عن الأسعار والشركات عبر الإنترنت، فقد أصبحت المضاربة بمتناول الجميع، ولعل شعبيتها قد زادت أكثر من اللازم. ويستخدم المضاربين عادة كوكتيلاً من أساليب التحليل الكمّية والأساسية والفنّية وعادة بنظرة قصيرة الأجل (إذ أن الهدف عادة هو تحقيق ربح ضمن يوم أو أسبوع). والمضاربة تعدّ تجربة مؤثرة جداً من الناحية النفسية (إيجاباً وسلباً) حيث يسعى المضارب أن يحقق بضع نقاط سعرية أو أجزاء من الريال في كل صفقة. وعلى الرغم من الانتشار الواسع للمضاربة فإنها تظل بلا إطار فلسفي أو منهجية علمية ثابتة تُمكّن من تحليلها أو شرحها في فقرات قليلة.
والمرفق التالي يوضح أهم الفروقات بين الاستثمار وبين المضاربة.
والكثير من المستثمرين المبتدئين – الذين ينخدعون بأمل حصولهم على الأرباح السهلة من المضاربة والتي أشبه ما تكون بأرباح القمار – ينتهي بهم المطاف إلى خسارة الكثير من مدخراتهم قبل أن يُدركوا بأنه عندما يكون هناك آلاف المضاربين الآخرين يبحثون عن الفرص ذاتها فإن الرابحين في النهاية هم الأكثر سرعة والأكثر خبرة والذين يمتلكون أفضل مصادر المعلومات وأفضل الأدوات لتحليلها، وهؤلاء عادة ليسو المضاربين المبتدئين. حيث يؤكد جميع المضاربين الناجحين حول العالم أن المضاربة الناجحة تتطلب اهتمام شديد ومقدار عالٍ من ضبط النفس والكثير من العمل، لذا فإن أي شخص يظن بأنه يمكنه أن يدخل على موقع التداول وقت الدوام أو بين الاجتماعات ليكسب ثروة من المضاربة قد يحتاج أن يعيد حساباته.
الجدل حول المضاربة. من الواضح أن المضاربة هي مغامرة شديدة الاستهلاك للوقت. وعلى الرغم من أن هناك عدد من الهوامير والمضاربين المشهورين والناجحين إلا أن الكثير من الأفراد يتجاهلون حقيقة أن هؤلاء المضاربين مجهزّون بشكل جيّد للمضاربة وفي أغلب الأوقات يخصصون وقتهم بأكمله لكي يمارسوا المضاربة. وبالنظر إلى الوقت والجهد الذي يبذله معظم المضاربين المحترفين الناجحين فإن احتمال نجاح المضارب الهاوي لجني المكاسب ذاتها بمجهود أقل وموارد أقل يصبح أمراً مستبعداً. ومع وجود أموال كثيرة تتنافس فيما بينها لتحقيق المكاسب على المدى القصير (الإطار الزمني الاستثماري من يوم واحد إلى سنة)، فإن الفرد الذي لا يملك الوقت الكافي قد يكون أكثر نجاحاً في البحث عن شركات يمكنه امتلاكها على المدى الطويل وعدم الانخراط في أعمال المضاربة المشحونة والتي غالباً ما تقترب من سلوك المقامرين. وكما ذكرنا في الفصل الثاني، فإن المضاربة تعرض المستثمر لمخاطر تذبذب السوق من يوم ليوم دون أن تسمح له ان يستفيد من تيار السوق الصاعد على المدى الطويل (نظراً لاحتمال شرائه وبيعه في الأوقات غير المناسبة أثناء التذبذب). كما أن طبيعة المضاربة تجعلها أكثر وطأة على نفسية المستثمر مما يجعلها مكلفة من نواحٍ أخرى غير مالية.
الجدل حول التحليل الفني . يفترض التحليل الفنّي أن تكوينات معيّنة للرسومات البيانية يمكن أن تشير إلى نفسية السوق في وقت معيّن إما حول سهم معيّن أو بالنسبة للسوق ككل. إلا أن معظم الدراسات الإحصائية التي قام بها الأكاديميون لتحديد ما إذا كانت لهذه الرسومات البيانية القدرة على التنبؤ بالحركات المستقبلية كانت إما سلبية أو غير حاسمة في أفضل الأحوال، ومن أفضل الدراسات في هذا النحو هو ما أورده (بورتن مالكيل – Burton Malkiel)، أستاذ المالية في جامعة (برنستون) في كتابه الشهير (نزهة عشوائية عبر شارع وول ستريتA Random Walk Down Wall Street – ). ويظل هناك إيمان بالتحليل الفني، معتمداً في كثير من الأحيان على الدلائل الفردية وقصص الأفراد الذين يقولون أنهم استفادوا منها، ولكن دون أي نوع من الدلائل الإحصائية على المدى الطويل، وذلك على عكس أساليب التحليل الأساسية والكمّية التي أظهر بعضها قدرته على استشفاف مستقبل الأسهم، ولو لفترة قصيرة. ولذا يشعر نقّاد التحليل الفني بأنه مقارب للتكهن أو لقراءة الكف من حيث فائدته.