قبل أن ننتقل إلى بقية أساسيات الاستثمار فإنه يجب علينا أن نبدأ بالتحذير من أبرز الأخطاء التي يرتكبها الكثير من المستثمرين لدى مُضّيهم في طريق الاستثمار:
1. أن لا تعمل شيئاً.
- لا يوجد ضمان بأن السوق سوف يصعد أول يوم أو أول شهر أو حتى أول عام تستثمر فيه. ولكن بالمقابل فإن عمل لا شيء على الإطلاق سوف يحقق لك لا شيء بكل تأكيد. ولا أدري عن الغير، ولكن أن أتوقع عائد على سبيل الاحتمال أفضل عندي من أن لا أحصل على شيء على سبيل التأكيد، وبالأخص أن احتمال تحقيق عائد يزداد كلماً نظرنا لأفق استثماري أطول.
2. أن تبدأ متأخراً.
- لا يوجد شيء أسوأ من تأجيل البدء في عالم الادّخار والاستثمار إلا عدم الاستثمار على الإطلاق كما ذكرنا آنِفاً. وأنت تعلم بالفعل أنه كلما بدأت مبكراً كلما كانت نتيجتك أفضل (إن كان لديك أي شك، ألق نظرة أخرى إلى تجربة عبدالعزيز ودحيِّم التي أوردنا سابقاً). ولو أنك قد تجاوزت العشرينيات من العمر فسوف نعيد صياغة هذه النقطة لتصبح: “أن لا تبدأ الآن”.
3. الاستثمار قبل سداد ديون بطاقات الائتمان.
- إذا كان لديك رصيد في حسابك وعليك أي ديون على بطاقة ائتمانك، قم بتسديدها حالاً!! فالكثير من بطاقات الائتمان تفرض عليك معدل فائدة أو ربح سنوي من 16 إلى 30%. فلو كان لديك 5,000 ريال تستثمرها ولكن أيضاً عليك دين 5,000 ريال على بطاقة ائتمانك بمتوسط معدل فائدة سنوية 18%، فسوف يتعين عليك أن تحصل على عائد سنوي على استثماراتك بنسبة 18% على الأقل فقط لتصل إلى نقطة التعادل مع قيمة الدين. لذا سدد الدين أولاً وبعد ذلك فكر بشأن الاستثمار.
4. الاستثمار للمدى القصير.
- لا تستثمر في أدوات الاستثمار قصيرة الأجل إلا الأموال التي سوف تحتاج إليها بالفعل على المدى القصير، وبالمقابل لا تستثمر في الأدوات طويلة المدى إلا المبالغ التي لن تحتاج لها لمدة ثلاث سنوات على الأقل (ويفضل أن تكون مستغنياً عنها لمدة خمس سنوات أو أكثر). فلو كنت ستحتاج نقودك في العام التالي لسداد قيمة منزل أو لأي غرض آخر فعليك استخدام الأدوات الاستثمارية الأقصر مدى والأكثر ضماناً مثل الودائع وصناديق النقد والودائع. إذ أن من أكثر الأخطاء شيوعاً هو قيام المرء بتشغيل أمواله التي سيحتاجها بعد زمن قصير في استثمارات طويلة المدى وشديدة التذبذب فإذا به يتفاجأ بأن قيمتها قد انخفضت نتيجة للتذبذب في الوقت ذاته الذي يحتاجها فيه. ويا من عريس تذوق مرارة هذه التجربة بعد أن استثمر مدخرات زواجه القريب في سوق الأسهم السعودي قبيل انهياره في أوائل عام 2006م، أو في أثناء العام الحالي 2008م.
5. التصرف بأمان زائد.
- إذا كنت مستثمراً صغير السن فإن معظم مدخراتك واستثماراتك ينبغي أن تكون في وسائل الاستثمار طويلة المدى (وفي الأسهم والعقار على وجه الخصوص). فشبابك يعطيك وقتاً كافياً لتحمل أي انخفاضات نتيجة التذبذب في السوق وللاستفادة من التيار الصاعد لهذه الأسواق على المدى الطويل. ومتى ما تقدم بك العمر، وأصبحت تعتمد على مدّخراتك واستثماراتك لتكون مصدر دخل يومي لك، فلا مانع من تحويل حصة من استثماراتك إلى السندات والصكوك وإلى بدائل الاستثمار قصيرة المدى.
6. التصرف بانتحارية.
-
- لا يصلح كل استثمار لكل فرد. فلا عادت على استثمار يُفقد صاحبه النوم، ولو كان مربحاً. والناس يختلفون بطبعهم من حيث قدرتهم ورغبتهم بتحمل المخاطر في سبيل تحقيق عائد أعلى. ولكن المشكلة أن الكثير من الناس لا يكتشفون أنهم لا يتحملون المخاطر إلا بعد أن تقع الخسارة.
- . حتى لو كنت مخاطراً فإن ذلك لا يعني في أي حال أن تصُب مالك في استثمار قد ينتهي بالضياع.
7. عدم التنويع.
- تَذكَر التيس والسُكَّر من حديثنا قبل قليل. فالتركيز الزائد يجعل استثمارات المرء ومدخراته رهينة بالفئة الاستثمارية والسوق الذي يستثمر فيه. ومهما كان المستثمر حريصاً فإنه سيخسر إذا كان السوق الأوحد الذي يستثمر فيه يمر بمرحلة تصحيح أو ركود (وهذا يحصل كثيراً). تَذكَّر أن مستقبلك المالي أهم عليك من أن تضعه كله في سلّة واحدة.
8. المحاولة بتوقيت وقت الدخول في السوق أو الخروج منه.
- نحن نؤمن بأن أفضل أسلوب للاستثمار هو أسلوب المدى الطويل. فطالما انتقيت استثماراتك جيداً وبتنوّع مناسب فسوف تجني عوائد جيدة على المدى الطويل. بينما لو أخذت تضارب دخولاً وخروجاً من السوق فسوف تعرض نفسك لتذبذب السوق وتقلباته دون أن تستفيد من تياره الصاعد على المدى الطويل، كما أنّك ستتحمل رسوماً إضافية نظير تداولك المستمرّ وبالتي ستقلّل من عوائدك، وربما تخطئ في تقديراتك فتفوْتك أفضل الأيام وتدخل في أسوأ الأيام، وبالتالي تفوْتك المكاسب التي يجنيها المستثمرون على المدى الطويل، وأَمَرُّ ما في الأمر أنك تتحمل ذلك بالرغم من بَذْلك مجهوداً أكثر وتحملك عبئأً نفسياً أكبر من المستثمر على المدى الطويل (وهذا أمر لا يستهان به).