بما أنك وصلت هنا فمن الغالب أن لديك مبلغ من المال ترغب في تشغيله أو أنك تخطط لتوفير المال لاستثماره في المستقبل. وفي هذا الصدد يجب أن يكون السؤال الأول الذي تطرحه على نفسك هو: لماذا أنوي الادخار والاستثمار؟ أهو لنية الزواج؟ أو لمنزل جديد؟ أو للتقاعد؟ أو لتدريس الأبناء؟ أو لتزويجهم؟ أو لطقم مجوهرات؟ أو لزوجة جديدة؟ أو لمسكن صيفي في ماربيا تقضي فيه الإجازات مع أم العيال؟
لنفترض أنك ادخرت 2,000 ريال سعودي فقط واستثمرتها في سوق الأسهم. فلو كان بإمكانك أن تحقق عائداً على تلك المدخرات يبلغ 14% سنوياً (والذي هو بالفعل المتوسط التاريخي لسوق الأسهم السعودية) فإن مبلغ الألفين ريال الذي ادخرته سيتحول إلى 101,900 ريال سعودي بعد 30 عاماً. وبهذا تكون قد حصلت على قيمة زواجك (أو على الأقل قيمة المهر) بقيمة هاتف جوَال.
وقد يقول قائل: “بلا 14%، بلا كلام فاضي أنا ما أدور عائد 14%. أنا أبغى أدبّل فلوسي كل سنة” (يعني عائد 100%). أنا أقدّر وجهة نظرك، ولكن قبل أن نستمر، تذكر أن (وارين بافيت)، أثرى رجل في العالم اليوم والذي قد يُعتبر من أنجح المستثمرين على الإطلاق، قد تمكن من بناء ثروته بتحقيق عائد يبلغ في متوسطه 21.1% سنوياً. وقد لا يبدو ذلك إنجازاً جبّاراً (خاصة إذا ما قارنّاه بالعوائد الخرافية لبعض الهوامير في الأسواق المحلية)، ولكن الجبّار في الموضوع أنه تمكن من تحقيق ذلك العائد السنوي لمدة 43 عاماً (أي من عام 1964 إلى 2007). وبينما تمكن البعض من التفوق على أداء السيد (بافيت) في أعوام معينة، إلا أن القليل تمكن من مجاراة أدائه بصفة مستمرة على المدى الطويل. ونتيجة لذلك تمكّن من تحويل 2,000 ريال سعودي إلى أكثر من 7.5 مليون ريال سعودي أثناء حياته الاستثمارية. هذا هو الاستثمار وإلا بلاش!!
قد لا يكون لديك 2,000 ريال سعودي زائدة عن حاجتك (أو مهارة “وارن بافيت” الاستثمارية)، ولكن بمقدورك استثمار سعر غدائك. فلو افترضنا أنك تمكنت أن تقتصد في وجبة غدائك كل يوم عمل وتوفر 30 ريال سعودي فقط في اليوم، بعدد أيام الدوام في السنة (حوالي250 يوم). قد لا يكون ذلك بالكثير ولكن لو أنك شاب أو شابة في مقتبل العشرينات من العمر، فإن لديك أفضل حليف للمستثمر: وهو الزمن. فلو افترضنا أنك تستثمر ما توفره من قيمة غدائك (حوالي 7,500 ريال سعودي في العام) كل عام بمتوسط عائد يبلغ 14% سنوياً (والذي كما ذكرنا هو متوسط العائد السنوي لسوق الأسهم السعودية منذ إنشائه في 1985م حتى 2006م)، فسيصبح لديك أكثر من 10 ملايين ريال سعودي لدى تقاعدك بعد 40 عاماً.
وبالطبع كلما تقدمت في مسارك الوظيفي ومستوى دخلك فإنك سوف تكون قادراً على تجنيب مبلغاً أكبر لاستثماره. فبمجرد زيادة توفيرك إلى 1,500 ريال سعودي شهرياً (فاتورة غدائك اليومي بالإضافة إلى ما تدفعه تقريباً لفاتورة جوّالك) فسوف تحصل على ما يزيد على 24 مليون ريال سعودي خلال نفس المدة (40 عاماً).
مربط الفرس من هذا النقاش أنك يجب أن تدّخر وتستثمر لتتمكن من بناء ثروة. فالمسألة ليست شديدة التعقيد. وبالاستثمار فإنك تتمكن من الحصول على تعليم أفضل، أو ترفيه أكثر وناسة. أو يمكنك أن تحفظ مدخراتك لتوّفر راحة البال لك ولذريتك. وسواء كنت تبدأ من الصفر أو كان لديك بضعة آلاف من المدخرات، فأساسيات الاستثمار هذه سوف تمكنك من التحكم بمصيرك المالي وستساعدك بمشيئة الله على السير على الطريق إلى الرفاهية المالية.