قصة العبد الأسود أو (The black slave) هي قصة خيالية لتشارلز سيلرز وهو مؤلف مجموعة الفولكلور، حكايات من أرض المكسرات والعنب، من الفولكلور الإسباني والبرتغالي.
الشخصيات:
- العبد الأسود.
- الأميرة.
قصة العبد الأسود:
كانت هناك ذات مرة أميرة لها خادم وهو عبد أسود، قال لها العبد الأسود ذات يوم: يا أميرة، أعلم أنك تحبين كونت يانو كثيرًا، ولا يمكنك الزواج منه فهو متزوج بالفعل، لماذا لا تتزوجني إذاً؟ فقالت الأميرة: أحب كما تقول كونت يانو، وأعلم أنه متزوج، ولكنّ والدي ملك قوي للغاية ويمكنه أن يبطل زواجه، أمّا بالنسبة لك، أفضّل أن أتزوج الرجل الأقل من عرقي على أن أتزوج من رجل أسود.
فقال العبد: تذكري، أيتها الأميرة كم من السنين كنت عبدك الحقيقي، و كيف اعتدت أن أعتني بك عندما كنت طفلة، ألم أنقذك مرة من أنياب الذئب؟ أجابت الأميرة: لا داعي لأن تخبرني أنّك تحبني لأنّ العبيد يحبون رؤسائهم، ولكن إذا تحدثت مرة أخرى عن الزواج مني، فسأخبر والدي الملكي، فقال العبد: إذا ذكرت الحب الذي يتمتع به العبيد عمومًا لأصحابهم ،فلن أعارضك، لكنّني أعتقد أنه في بعض الأحيان يكون السادة لا يستحقون حب عبيدهم أكثر مما يستحق العبيد حبّ أسيادهم.
تابعت الأميرة: أنت تنتمي إلينا عن طريق الشراء أو الميراث، ونحن لسنا ملكًا لك، يكتسب الرجل الأبيض حب السيدة التي يختارها بأفعال السلاح، ويحمل على رمحه الراية التي طرزتها حبيبته، وباعتباره فارسًا حقيقيًا فإنه يكتب الشعر على شرفها، الفروسية كما تفهمها، هي بالنسبة لي أسطورة، ثمّ قالت الأميرة: أنا آمرك ألا تتحدث معي مرة أخرى بهذه الطريقة، وإلا سأعاقبك بشدة، كان العبد المسكين حزينًا للغاية عندما سمع الأميرة، التي أحبها بشدة، تهدد بمعاقبته.
ثمّ قال: الموت هو المساواة بين كل الرتب وكل الأجناس، غبار الرجل الأبيض الميت والرجل الأسود متشابهان في الموت، فقال العبد: سأهرب من هذا القصر وألجأ إلى المحافظات الشمالية حيث إذا كان الجو أكثر برودة يقولون أن قلوب الناس أدفأ، وفي تلك الليلة بالذات، غادر العبد قصر حبيبته، وضفاف الوادي الكبير الجميلة، وبساتين البرتقال المفضلة لديه، وخلال النهار اختبأ في الكهوف على جوانب الجبل، وبمجرد حلول الليل، كان يواصل رحلته.
وعندما كان يسافر بهذه الطريقة لبضعة أسابيع، وبينما كان يشق طريقه عبر غابة مظلمة، رأى ضوءًا ساطعًا من بعيد، ولأنّه كان جائعًا جدًا، فقد كان يأمل أن يكون في منزل ما حيث يمكنه الحصول على الطعام والراحة، وأثناء سيره اكتشف أن الضوء لم يكن من منزل، بل كان ناتجًا عن نيران كبيرة يجلس حولها بعض الرجال والنساء، وخوفاً من أن يكون في حي اللصوص، أخذ احتياطات الاقتراب بالاختباء وراء الأشجار، وعندما اقترب من المجموعة بما يكفي لرؤيتهم بوضوح، لاحظ أنّه بالقرب من النار كانت هناك امرأة عجوز جدًا تقف بذراعيها فوق النار.
وكانت تحمل طفلًا يصرخ وكأنه يحترق، اعتقد العبد أنّ الطفل سوف يتم حرقه، ولم يكن يعلم أن ما رآه هو مجرد فعل جيد بالنسبة للمرأة، والذي تم تنفيذه من قبل المرأة الحكيمة في القرية على طفل مولود بالعين الشريرة، ولا يزال يقترب منهم حتى سمع بعض الكلمات التي كان يتخيلها أنّها لخنق الطفل، ثمّ بدأت العجوز فجأة بالصراخ والقفز فوق النار، بينما الرجال والنساء الذين أحاطوا بها يضربون الهواء بالعصي الكبيرة، وهو ما يحدث عندما يفترض أن يترك الشرير جسد الطفل.
فقط في هذه اللحظة تصادف أن ظهر العبد من خلف الشجرة، وعندما تمت ملاحظته على الفور من قبل المرأة الحكيمة التي وجهت كل الأنظار إليه، وكانوا في قمة رعبهم عندما كان أول رجل أسود زار الأجزاء الشمالية من إسبانيا على الإطلاق، وعندما أدرك أنه شوهد، اعتقد أنه سوف يبتسم، ليبين لهم أنه صديق، لكن هذا جعله يبدو أكثر فظاعة من وهج النار، واعتقاداً منهم أنّه الشرير الذي ترك جسد الطفل للتو.
ركضوا نحو العبد مع عصّيهم، ودون مزيد من اللغط وقف على قدميه وسرعان ما فُقد في ظلام الغابة، وجلس العبد للراحة والتفكير فيما رآه، وقال لنفسه: أفترض أنّ هؤلاء الناس كانوا يحاولون جعل الطفل ملكًا عن طريق حرق طفل أبيض حتى أصبح أسودًا، لأننّي رأيت أنهم لن يأكلوه، لقد قيل لي أنه في بعض الأجزاء سيكون لديهم ملوك سود فقط، وأنا بالتأكيد في أحد هذه الأجزاء.
بعد التفكير في هذه الفكرة لفترة طويلة، نام أخيرًا وحلم أنه وصل إلى مدينة كبيرة حيث احتشد الناس لمقابلته، وأنه وُضع على عرش رائع متوجًا ملكًا، وقد تزوج أميرته العزيزة، ثمّ اعتقد أنه كان في غرفة نوم رائعة، وأنّ ملاءات سريره كانت مزينة، لكنّه عندما عمد إلى رفع الملابس المطرزة إلى أعلى قليلاً حيث شعر بالبرد، وضع يديه على بعض نباتات القراص مما جعله يستيقظ وينظر حوله.
كان اليوم قد بدأ بالفعل، كان الأرنب الخجول يتربص حول أوراق الندى المتلألئة، كانت البطانات تتنقل من فرع إلى فرع، وسمع صرير على مسافة لعجلات بعض عربات السوق، نهض العبد ونظر إلى نفسه في مياه جدول عابر، وتفاجأ برؤية تاج ذهبي على رأسه، كانت شمس الصباح كانت تشرق من خلال أوراق الشجر الكثيفة فوقه.
صاح العبد: كنت عبداً الليلة الماضية، وهذا الصباح أنا ملك، ثمّ لاحظ الاتجاه الذي انطلقت منه ضجيج عجلات العربة، فأسرع إلى هناك، وسرعان ما اقترب من بعض الأشخاص الذين كانوا يحملون بضاعتهم إلى السوق، اقترب منهم تدريجيًا، وعندما رأوه يتقدم، ألقوا سلالهم وكانوا سيهربون لو لم يحرمهم الخوف من القدرة على القيام بذلك.
قال الرجل الأسود: لا تخافوا، فأنا ملككم، ثمّ قال في نفسه: حتى الآن كان عليك أن تعمل من أجل الأغنياء، ولكن الآن سيعمل الأغنياء من أجلك لن يكون هناك فقر في مملكتي ولا جوع ولا حزن، وسيأخذ الأزواج السيئون مكان الحمير، وستأخذ الزوجات المشاكسات والمزعجات إلى الحجز، ثمّ تابع مخاطبًا الحشد: اخبروا سكان المدينة إنني أقترب، فصاح مستمعيه: يعيش الملك!
وصاح الرجال: يعيش الملك الصالح الذي سيحررنا من زوجاتنا المشاكسات! وصرخت النساء: يعيش الملك الذي سيقضي على الفقر! وبعد انتهاء حماسهم، سارعوا إلى المدينة وسرعان ما انتشر الخبر السّار بأن ملكًا جديدًا قادم، وأنّهم سيكونون جميعًا أثرياء، ثم أحضروا بغلًا أبيض غنيًا بأجراسه الرنانة، وقماش من الذهب على ظهره لاستخدام الملك الأسود، وخرجوا لمقابلته.
بعد أن اقتربوا من العبد، سجدوا أمامه، وكانوا في البداية خائفين للغاية لكنّهم سمعوه يخاطب البغل في خطاب كبير، فقاموا واستمعوا، فقال للبغل: سيدي، أشعر بالإطراء الشديد من هذا التصفيق، وأنا أمنحك هنا منصب الوزير الرئيسي الذي تستحقه بشدة بسبب الحكمة التي أظهرتها في الحفاظ على الصمت عندما يريد الجميع إسماع صوتهم، سترى أنّ الفقراء يوفرون احتياجات ملكهم والوزراء المختارين، وأنت رئيسهم.
صاح العبد: انظروا إلى ملككم ووزيره! ومن هذا اليوم فصاعدًا، دع كل رجل وامرأة في مملكتي يجاهدون ليكونوا واثقين وصبورين وصامتين مثل هذا الوزير، كان الناس قد تفاجأوا إلى حد ما بالتحول الذي اتخذته الأحداث، ولكن نظرًا لأنه كان لديهم مؤخرًا رئيس وزراء غير عادل، فقد اكتفوا بمعرفة أن خليفته لا يستطيع تقديم أي قسوة ضدهم، وعادوا إلى طريقهم إلى المدينة، وسبقهم ملكهم الأسود ورئيس وزرائه البغل.
وعند وصوله إلى القصر، دخل العبد وجلس على العرش، وكان رئيس وزراءه يقف بالقرب من أدنى درجة، ثمّ خاطب الحضور على النحو التالي: أُعلن أنّ الأغنياء في هذه المملكة سوف يتخلون إذا لزم الأمر عن ثرواتهم للفقراء الذين سيصبحون بعد ذلك أغنياء، ولكن، بما أنني لا أريد أن ينسى أولئك الذين كانوا فقراء حتى الآن واجباتهم تجاه زملائهم المخلوقات الأكثر تعاسة.
كما أنني آمر بأن تخضع جميع النزاعات للحكمة العليا لرئيس وزرائي والذي بدون موافقته اللفظية سيكون اللجوء إلى الضربات أمرًا خائنًا، وأطلب كذلك من رعاياي ألا يخوضوا حربًا مع الدول المجاورة دون اصطحاب زوجاتهم إلى المعركة، لقي هذا الخطاب استحسانًا كبيرًا، وبدأ البغل الأبيض الذي لم يعتاد على ما يحيط به، في نهيقه بصوت عالٍ حتى نهض العبد من عرشه وقال: استمعوا إلى صوت وزير بلدي.
يطلب منكم وزيري جميعًا أن تصمتوا، ثمّ مروا واحدا تلو الآخر أمام البغل، وانحنوا له، وعندما انتهى هذا الحفل أخبرهم العبد أن جميع الملوك الحقيقيين هم من لونه، لكنه قرر الزواج من ابنة ملك الأندلس المزيف، ولذلك، أمر عشرين من رعاياه بالذهاب إلى تلك المملكة وإحضار الأميرة الجميلة معهم، وهي الأميرة التي أحبها، قال العبد: إذا سألكم الملك عمّا أنا عليه، فقولوا إنكم لم تروا شخصًا مثلي من قبل، وأنّ حكمتي لا تصل إليها إلا حكمة رئيس وزرائي.
وفي نهاية شهر، عاد العشرون رجلاً مع الأميرة الجميلة التي كانت حتى يوم زواجها، مقيمة في قصر آخر، تم إعداد استعدادات كبيرة لهذه المناسبة، وكانت الأميرة بطبيعة الحال حريصة جدًا على رؤية زوجها المستقبلي، لكن آداب السلوك منعتها من القيام بذلك، وغالبًا ما كانت تفكر في عبدها الهارب وعشيقها، حيث جعلها الغياب مولعًا به وشيئًا فشيئًا أصبح أقل سوادًا في خيالها.
أخيرًا وصل يوم الزفاف، وذهب العبد بحضور جميع وزراءه إلى قصر الأميرة مرتديًا ثيابًا رائعة، وذراعاه الأسودان القويان مكشوفان، ولكن مع أساور ذهبية رائعة حولهما، وبمجرد أن رأته الأميرة، تعرفت على عبدها السابق، وسارعت لمقابلته وألقت ذراعيها حول رقبته، وصرخت: أنا لا أستحق أن أتزوج من رجل طيب، ولكن إذا كنت لا تزال تريدني، فأنا لك.
صاح العبد: ايتها الأميرة، إذا كنت عبدًا لك من قبل، فأنا لست أقل من ذلك الآن، وإذا كان عليّ أن أطلب منك الآن أن تكوني زوجتي، فإنّ سيطرتك على رعاياك الجدد ستكون ممتعة لهم بقدر ما ستسعدني، ومن ملك حكيم وملكة جيدة استفاد الشعب كثيرًا، ولم تتجاوز الخلافات آذان رئيس الوزراء ،وازدهرت المملكة تحت قيادة بغل، مما يثبت أن هناك صفات في الكائنات اللاعقلانية يجدر حتى بحكمة الخدام تقليدها.