قصة قصيدة “يا عين فابكي ما بني”:
أمّا عن مناسبة قصيدة “يا عين فابكي ما بني” فيروى بأنّ حجر بن الحارث كان يفرض الأتاوة على بني أسد، وكان يأخذها منهم كل سنة، وبقي على ذلك دهرًا من الزمن، وفي يوم بعث إليهم من يأتيه بالأموال، فلم يعطوه ماعليهم، وقاموا بضرب رأسه ضريًا شديدًا مبرحًا، وكان يومها حجر بتهامة.
وبلغ ماحصل إلى حجر، فسار إليهم بجيش من ربيعة وقبس وكنانة، وعندما وصل إليهم قاتلهم، وبعذ أن انتصر عليهم، أخذ يضرب رجالهم بالعصى، وأباح أموالهم، وحلف أن لايسكنوا في بلد أبدًا، وحبس منهم عمرو بن مسعود الأزدي، وعبيد بن الأبرص، وبينما كان عبيد بن الأبرص مسجونًا، طلب لقاء حجر، وعندما قابله قال له: أيّها الملك اسمع مقالتي:
يا عَينِ فَاِبكي ما بَني
أَسَدٍ فَهُم أَهلُ النَدامَه
أَهلَ القِبابِ الحُمرِ وَالنعم
المُؤَبَّلِ وَالمُدامَه
وَذَوي الجِيادِ الجُردِ وَالأسَلِ
المُثَقَّفَةِ المُقامَه
حِلّاً أَبَيتَ اللَعنَ حِلّاً
إِنَّ فيما قُلتَ آمَه
في كُلِّ وادٍ بَينَ يَثرِبَ
فَالقُصورِ إِلى اليَمامَه
تَطريبُ عانٍ أَو صِياحُ
مُحَرَّقٍ أَو صَوتُ هامَه
وحينما سمع حجر قول عبيد بن الأبرص، رقّ في حالهم وبعث في أثر بني أسد، وعندما أقبلوا عليه وقبل أن يصلوا إلى تهامة، قال لهم كاهنهم: من الملك الأصهب، الغلاب الغير مغلب، لايعلق رأسه الصخب؟ هذا يجب أن يجري دمه، ويكون غدًا أول من يسلب.
فقالوا له: من هو؟ فقال: هو حجر، وعندما أشرقت عليهم الشمس، أتوا على حجر وجيشه فقاتلوهم وهزموهم، وأسروا حجر، ومن ثم تشاوروا على قتله، فقال لهم أحد كهنتهم: ياقوم لاتستعجلوا بقتل هذا الرجل، حتى أقول لكم، وانصرف عن قومه لينظر لهم في قتل حجر، وعندما رأى علباء بن الحارث الكاهلي ذلك خشي أن يتهاونوا في قتله، فدعى ابن أخته وكان أيضًا من بني كاهل، وقال له: يابني، إن كان عندك خيرًا إثأر لأبيك، وسوف تنال شرف الدهر، ولن يقتلك قومك، وبقي يقنع بهذا الغلام حتى اقتنع، ومن ثم أعطاه حديدة، وقال له: أدخل عليه مع قومك، ومن ثم أضربه في مقتله، فأخذها الغلام وقام بتخبئتها، ومن ثم دخل على حجر في حبسه، وعندما رأى حجر وثب عليه وقتله، فهجم القوم على الغلام، وعندها قال بنو كاهل لهم: لقد أخذنا ثأرنا بأيدينا، فقال الغلام: لقد ثأرت لأبي.