الملك سعود وشركة التابلاين:
مرّت فترة حكم الملك سعود في مفاوضات عديدة مع شركة أرامكو من أجل الوصول إلى اتفاقية بخصوص إعلان شركة التابلاين والمشاركة في الأرباح، حيث أنّ تأسيس شركة خط التابلاين أدى إلى الرفع من دخل المملكة؛ وذلك بسبب زيادة إنتاج النفط. وبعد مد التابلاين من مواقع الإنتاج في المنطقة الشرقية إلى ميناء الزهراني بلبنان، شعرت حكومة الملك سعود أن العدالة غير محققة بين الطرفين، للأرباح التي حققتها شركة أرامكو مقارنة بالأرباح التي كانت من نصيب الحكومة السعودية. لذا دخلت حكومة الملك سعود مع شركة أرامكو في مفاوضات طويلة بشأن الأرباح التي تحقها من جراء نقل النفط عبر خط التابلاين.
وقد استمرت المفاوضات بين الحكومة السعودية وشركتي أرامكو والتابلاين بخصوص قضية معادلة بين أرباح التابلاين سبع سنين من عام 1376 – 1383/1956 – 1963 ميلادي وقد أرسلت المملكة خلال ذلك طلباً خطياًَ إلى الشركة بدفع 103 ملايين دولار لخزينة الدولة على أساس أن هذا المبلغ هو نصيبها من تقسيم الحق للأرباح منذ مد خط التابلاين حتى تاريخ هذا الطلب وهو عام 1377/1957 ميلادي.
وقد اعترضت شركة أرامكو على هذا الأمر وطلبت تطبيق مبدأ التحكيم لحل هذه القضية. وفقاًَ لنصوص اتفاقية الامتياز الأصلية فوافقت حكومة المملكة على ذلك. وهكذا تمت إجراءات التحكيم في الشهر الأخير من عام 1377/ 1957 ميلادي ثم أوقفت بعد ذلك بسبب قناعة الحكومة السعودية “بأن التحكيم على مدى تطبيق الأنظمة السعودية أمر يمس سيادة الدولة نفسها”.
قررت كل من الحكومة السعودية وشركة أرامكو أن تحل هذه المشكلة عن طريق مزيد من المفاوضات والمباحثات التي استمرت بين الطرفين حتى عام 1382/ 1963 ميلادي عندما أقرت شركة أرامكو بحق المملكة معلومات.نت السعودية في مناصفة أرباح التابلاين، بموجب اتفاقية وافقت عليها شركة أرامكو تنص على ” أن ترفع شركة أرامكو سعرها لكل برميل من البترول الخام المسلم في ميناء الزهراني بلبنان على البحر المتوسط في المدة الواقعة بين عام 1382/ 1953 ميلادي بمقدار بسيط يزيد عن السعر المعلن في صيدا، على مجموع السعر المقابل المعلن في ميناء رأس تنوره لكل برميل من البترول الخام، وأن تدفع شركة أرامكو ضريبة دخل سنوية 50% من المبالغ التي حصلت عليها نتيجة لهذه الزيادة في خلال أعوام الخلاف.
الملك سعود والأوبك:
الذي يلفت النظر أن حكومة الملك سعود توجهت في وقت مبكر لمشاركة أرامكو وغيرها من الشركات البترولية العاملة في البلاد، على أن تكون المشاركة مقدمة منطقية لتملك الشركة حقها، لذلك أخذت المملكة معلومات.نت السعودية بأسلوب التدرج في تحقيق السيطرة الكاملة على الصناعة البترولية في المملكة، من خلال استراتيجية تميل إلى التحفظ والتمهل ورفض أسلوب القفزات في إنجاز السيطرة. مع استبعاد فكرة التأميم مدخلاً للسيطرة الكاملة على ثروات البلاد، لأنها غير مقتنعة به ولذا حاولت المملكة طرق العديد من السبل.
فرضت الدولة سيادتها الوطنية على الشركة وكان ذلك على مراحل، بدأت فيه بمرحلة العدل المتكافل في الأرباح فقط، دون التدخل في العمليات البترولية المكملة، وهي العمليات البترولية التي تجعل سيطرة أرامكو على البترول السعودي سيطرة كاملة، تبدأ بمراحل استخراج البترول ثم نقله وتكريره وانتهاءً بتسويق منتجاته. علماً بأن شركة أرامكو هي التي كانت تحدد مع الشركات البترولية العالمية الأخرى أسعار البترول في الأسواق. ولم تكن المملكة معلومات.نت السعودية تشارك في أي من هذه العمليات حتى مطلع عام 1390/ 1970ميلادي.
ثم أسست المملكة معلومات.نت السعودية مؤسسات تخص الأمور البترولية من جهة، وتهيئ المجال أمام مشاركة المملكة مع شركة أرامكو في مجالات الأعمال البترولية من جهة أخرى. ومن أجل ذلك أنشأت وزارة البترول والثروة المعدنية في عام 1380/ 1960 ميلادي. وزارة اختصت بالإشراف والتنفيذ على كل ما يخص النفط والثروة المعدنية مثل أعمال التنقيب، والحفر والإنتاج وتنفيذ سياسة الدولة فيما يتعلق بالتصدير والأسعار والتسوق الداخلي. وفي الوقت ذاته تكون آلية فاعلة من أجل الإعداد لمبدأ المشاركة الذي تهيئ المملكة كل السبل لتحقيقه.
لقد كانت الدولة أمام تحدي شركات البترول العالمية للمصالح الاقتصادية للدول المنتجة للبترول، كانت المملكة معلومات.نت السعودية مكان الحركة المضادة لتسلط الشركات البترولية في المنطقة معلومات.نت والشرق الأوسط. وظلت تتبادل الرأي مع دولة فنزويلا فيما يجب عمله. وفي 18 ذي القعدة 1379هجري، صدر أول تصريح رسمي مشترك بعد الاجتماع الذي عقد بين عبد الله الطريقي، وزير البترول السعودي، ويسيريز ألفونسو، وزير المناجم الفنزويلي، حث التصريح الدول المنتجة للبترول بانتهاج سياسة موحدة لحماية مصالحها المشتركة. وطرح في الوقت نفسه فكرة إنشاء منظمة تسعى لتحقيق هذا الغرض. وقد كانت هذه التوصية بمثابة اللبنة الأولى لإنشاء منظمة الأوبك. وقد عدت الدول الغربية وشركاتها البترولية هذا التكتل بمثابة خطر يهدد إمداداتها البترولية.
إنّ الشركات البترول العالمية لم تركز على فكرة تأسيس تكتل يضم الدول المنتجة للنفط، فقامت بخفض جديد لأسعار بترول الشرق الأوسط، في عام 1380هجري وصل إلى 6% من القيمة السوقية. وأمام هذا الوضع قررت حكومات البلاد المنتجة والمصدرة للبترول أن تعمل معاً لوقف تلاعب الشركات العاملة في بلادها.
كانت المملكة معلومات.نت السعودية متخوفة وقلقة جراء تصرفات الشركات البترولية بالشكل الفردي، الذي أضر باقتصاد المملكة واقتصاد دول بترولية في العالم الثالث. لذلك قامت الحكومة السعودية بعدة اتصالات ومشاورات مع دولة فنزويلا خلال عام 1380/ 1960 ميلادي وعلى أثر هذه المشاورات تم دعوة بعض الدول المصدرة للبترول: إيران، العراق، الكويت بالإضافة إلى دولة فنزويلا لحضور اجتماع يعقد في بغداد يبحث السبل الكفيلة لمعالجة الوضع الراهن.
لقد كانت أفكار حكومة الملك سعود قائمة على أساس فكرة بسيطة ومباشرة وهي تعاون الدول المنتجة والمصدرة للنفط على المحافظة على مصالحها البترولية، عن طريق إقناع الشركات البترولية العالمية، على القبول بمطلب رئيس وهو المشاركة. هذا من جهة، ومن جهة أخرى تؤمن المملكة أن أوبك قادرة لو أعطيت الفرصة أن تقوم بالتفاوض الجماعي مع الشركات البترولية العالمية.
أما أفكار حكومة الملك سعود تجاه الأمور البترولية بشكل عام تختصر في احترام الطلب العالمي المتزايد على منتجات النفط، وكذلك عدم العمل لإحراج الشركات البترولية العالمية أمام زبائنها، في الوقت نفسه السعي المستمر لقبول أرامكو بمبدأ المشاركة. والمملكة ترى أن مطالبها واقعية، أنها تسير في شكل تدريجي. هذه الفلسفة هي ما تزعج شركات النفط العالمية التي عرفت من المملكة هذه السياسة منذ عام 1383/ 1963 ميلادي.
دعم الملك سعود منظمة الأوبك:
قامت حكومة الملك سعود في اختيار دعم منظمة الأوبك، والعمل أيضاً على العمل على استتباب السوق البترولية الدولية. وقد تميزت فترة الستينيات من القرن الميلادي في تاريخ أوبك قد تميزت بنشاطها القوي من أجل الحد من تدهور الأسعار المعلنة، التي سادت خلال الخمسينيات الميلادية من القرن العشرين، والذي تميز بسيطرة الشركات العالمية البترولية على الإنتاج وتحديد الأسعار ووفرة العرض من النفط. وهو أمر أتاح للمشترين فرض شروطهم على سوق البترولية.
وتعتبر حقبة السبعينيات الميلادية العصر الذهبي لهذه المنظمة، حيث اتفق أعضاؤها على أن يساند بعضهم بعضاً في المطالب التي يمكن أن يتقدموا بها. وكانت أوبك قد صنفت الدول المنتجة للنفط، الأعضاء فيها إلى ثلاثة مناطق إقليمية: منطقة الخليج ومنطقة البحر المتوسط ومنطقة البحر الكاريبي. ورأت أوبك أن تدخل بلدان كل منطقة من هذه المناطق المفاوضات بصورة جماعية مع شركات البترول. في حين تدعم المنطقتان الأخريان المطالب الجماعية المقدمة. وفيما يخص المملكة فقد دعمت دول أوبك مطالب المملكة وموقفها من شركة أرامكو في مؤتمر أوبك الحادي والعشرين المنعقد في كراكاس في 21-29/ ديسمبر/ 1970 ميلادي.
أدى تخفيض شركة أرامكو لسعر البترول مرتين متتاليتين في عامي 1379 و 1380هجري دون إذن مسبق من الحكومة السعودية إلى اتخاذ المملكة معلومات.نت السعودية إجراءات متتالية لتحقيق سيطرتها الكاملة على صناعتها البترولية، فبدأت في تحقيق هذه السيطرة في استراتيجية متدرجة حكيمة تميل إلى التمهل والتحفظ وعدم انتهاج أسلوب القفزات السريعة في إنجاز السيطرة، وقد سارت هذه الإجراءات في مسارين متوازيين مسار داخلي ومسار خارجي، فالمسار الداخلي بدأ بمحاولة المملكة السيطرة على سلوك الشركة بشكل متدرج عن طريق المشاركة المتكافئة في الأرباح أولاً، ثم التدخل في رفع الأسعار ثانياً، ثم المشاركة في العمليات المكملة ثالثاً.
أما المسار الخارجي فهو العمل على نطاق دولي، حيث حشدت المملكة زملائها في منظمة أوبك. يصل عدد الدول الأعضاء في منظمة أوبك إلى ثلاثين دولة، وحشدت كذلك الأعضاء في رصيفتها معلومات.نت المعروفة باسم أوابك إلى مساندة مطالب المملكة ضد أرامكو. هذا الموقف الدولي أدى إلى رجحان موقف المملكة دولياً في وجه معارضة أرامكو. كذلك من المهم الإشارة إلى أن توقيع المملكة اتفاقيات نفطية مع شركات غير أمريكية مثل شركة جيتي للزيت اليابانية والشركة معلومات.نت المحدودة اليابانية وشركة أوكسيراب الفرنسية، شكل هو الآخر مجالاً تنافسياً خشيته أرامكو.