ماذا ستفعل لو كنت تعتقد أن جميع المعلومات المتعلقة بالشركات المتداولة وأداؤها المتوقع قد تم توزيعها بكفاءة وأصبحت بمتناول الجميع وبالتالي أصبح يتعذر لأي مستثمر أن يتميز عن المستثمرين الآخرين بدراسة فحص أعمال الشركة أو تحليل أرقامها؟ في هذه الحالة قد تتخلى عن محاولة التغلب على السوق وتستعيض عن ذلك بالاستثمار في صندوق يعمل بمبدأ الإدارة الساكنة ويحاكي أداء المؤشر. ولكن بعض المستثمرين أخذوا اتجاهاً مختلفاً حيث عملوا على ابتكار مجموعة من الأدوات التي تحاول أن تُظهر لهم ما الذي يعتقده المستثمرون الآخرون حيال سهم ما في وقت معين، وذلك بهدف البحث عن آثار حركات المستثمرين الكبار من أفراد ومؤسسات التي عادة ما تسبّب أكبر الحركات السعرية. والمستثمرون الذين يركزون على هذا النوع من المعلومات النفسية يسمُّون أنفسهم محللين فنيين ويعتقدون أن الرسومات البيانية التي تظهر الحركات السعرية وكميّات التداول وبعض الإحصاءات الكميّة يمكن أن تقدم في بعض الأحيان صورة حول نفسيّة المتداولين في سهم ما. وعلى الرغم من أن هناك أشخاص يستخدمون هذه الرسومات البيانية بمفردها كوسيلتهم الأساسية للاستثمار، إلا أن الكثير من المستثمرين الآخرين يستخدمون الرسومات البيانية لتحديد الوقت الأنسب للدخول أو الخروج من سهم معيّن بعد الاطلاع عليها واتخاذ قرارهم الاستثماري من منظور أساسي أو كمِّي.
وليس هناك منهجيات أو إجراءات محددة للتحليل الفني، ولكن هناك عدد من أدوات التحليل المختلفة. ومن أكثر هذه الأدوات أهمية هي سلسة من التكوينات في الرسومات البيانية تشكلها تحركات سعرية معينة بالتزامن مع مستوى معين من حجم التداول. وذلك كما في الرسم البياني أدناه.
رسم 4-3: تكوين فنّي في الرسم البياني لسعر صرف اليورو مقابل الدولار الكندي يسمى نجمة المساء ويشير لتيار منخفض
ومن أكثر أنواع الرسومات البيانية شيوعاً الرسومات الخطية ورسومات نطاق التداول (التي تظهر سعر الافتتاح والإغلاق بالإضافة إلى أعلى وأدنى سعر في كل يوم) والرسومات الشمعية. وتظهر الرسومات التالية أمثلة على الأنواع المختلفة لسهم واحد (شركة مايكروسوفت).
رسم 4-4: الرسم الخطّي مع كميات التدوال لشركة مايكروسوفت
رسم 4-5: رسم نطاق التداول (الافتتاح والأعلى والأدنى والإغلاق) مع كميات التداول لشركة مايكروسوفت
رسم 4-6: الرسم الشمعي مع كميات التداول لشركة مايكروسوفت
الجدل حول التحليل الفني . يفترض التحليل الفنّي أن تكوينات معيّنة للرسومات البيانية يمكن أن تشير إلى نفسية السوق في وقت معيّن إما حول سهم معيّن أو بالنسبة للسوق ككل. إلا أن معظم الدراسات الإحصائية التي قام بها الأكاديميون لتحديد ما إذا كانت لهذه الرسومات البيانية القدرة على التنبؤ بالحركات المستقبلية كانت إما سلبية أو غير حاسمة في أفضل الأحوال، ومن أفضل الدراسات في هذا النحو هو ما أورده (بورتن مالكيل – Burton Malkiel)، أستاذ المالية في جامعة (برنستون) في كتابه الشهير (نزهة عشوائية عبر شارع وول ستريتA Random Walk Down Wall Street – ). ويظل هناك إيمان بالتحليل الفني، معتمداً في كثير من الأحيان على الدلائل الفردية وقصص الأفراد الذين يقولون أنهم استفادوا منها، ولكن دون أي نوع من الدلائل الإحصائية على المدى الطويل، وذلك على عكس أساليب التحليل الأساسية والكمّية التي أظهر بعضها قدرته على استشفاف مستقبل الأسهم، ولو لفترة قصيرة. ولذا يشعر نقّاد التحليل الفني بأنه مقارب للتكهن أو لقراءة الكف من حيث فائدته.