إعادة الموازنة الاستثمار
بعد إجراء توزيع الأصول الاستراتيجي والتكتيكي واختيار الأدوات الاستثمارية المناسبة، ومع مرور الزمن نتوقع أن اختلاف الأداء الطبيعي للفئات الاستثمارية والأسواق المختلفة سيؤدي إلى زيادة الوزن النسبي للفئات والأسواق الأحسن أداءً (نظراً لارتفاع قيمتها بالمقارنة مع بقية المحفظة)، بينما سيقل وزن الفئات الأقل أداءً، الأمر الذي قد يؤدي مع مرور الزمن إلى قلب السياسة الاستثمارية التي تم تحديدها في توزيع الأصول الاستراتيجي وإلى عودة التركيز العالي في المحفظة. وبالتالي ينبغي للمستثمر أثناء عملية متابعته الدورية (سواء كل سنة، أو كل ثلاثة أشهر) بملاحظة التغيرات التي طرأت في أوزان فئاته الاستثمارية المختلفة، ليسحب من أكثر الفئات ارتفاعاً ويُعيد الاستثمار في الفئات المنخفضة، وبالتالي يعيد المحفظة إلى أوزانها الأصلية المتقررة من توزيع الأصول الاستراتيجي. وهذا ما يعرف بإعادة الموازنة.
وإعادة الموازنة من أهم أجزاء متابعة المحفظة ولعله أيضاً أكثرها إثارة للجدل، فالكثير من المستثمرين عندما يسمعون هذه الفكرة يردون بامتعاض “أنت صاحي ولا مهبول!! تبغاني أشيل من الاستثمارات الزينة وأحط في الاستثمارات الشينة؟”
قبل أن ترمي هذا الدليل جانباً أو تسبّ كاتبه بودّي أن تتصور هذه الحالة: مستثمر في سن العشرين، وبرغم من أنه في مقتبل العمر إلا أنه متحفظ بطبعه فقام بوضع 75% من استثماراته في أسواق النقد / المرابحات و25% في الأسهم. ولكن نظراً لأن أداء الأسهم كان 10% سنوياً بينما أداء أسواق النقد كان 5%، فإن وزن الأسهم في محفظته أخذ ينمو تدريجياً من سنة لسنة، فلما بلغ سن الـ60 وبدأ يستعد للتقاعد فإذا به يفاجأ أن الأسهم أصبحت تشكل الغالبية العظمى من محفظته (68%) بينما لا تشكل أسواق النقد سوى 32%. وبهذا يكون هذا المستثمر قد فقد منفعة توزيع الأصول الاستراتيجي والفكر الذي وضعه فيه بحيث انتهى به المطاف لأن يصبح توزيع أصوله عرضة لحركات الأسواق وأهوائها.
كما أن الأسواق العالمية قد أثبتت مراراً وتكراراً أن الأداء الجيد لفئة استثمارية أو سوق معين في سنة من السنوات بعينها ليس ضماناً في أي حال من الأحوال بأن يكون الاداء جيداً في السنة اللاحقة ففي العادة كلما حققت فئة استثمارية أو سوق عوائد كبيرة في سنة أو مجموعة من السنوات، فإن ذلك أدعى لأن تكون العوائد في السنوات اللاحقة أقل (وذلك في معظم الأحوال لأن التيار الصاعد عادة ما يؤدي لزيادة السيولة التي يتم ضخها في ذلك السوق، مما يؤدي عادة لتضخم أسعاره لدرجة تجعلها غالية)، والعكس صحيح. وخير نموذج لذلك هو المثال الذي أوردناه في فقرة توقيت الدخول والخروج، والذي يبين أن الإبقاء على توزيع ثابت هو الخيار الأفضل بدلاً من السماح بانجراف الأوزان لناحية أو أخرى بفعل خارج عن إرادة المستثمر.